الزمن الجميل
خلف غابات الزيزفون ,ورائحة الزعفران , وأوراق الياسمين , وشجر الزيتون الأخضر , خلف عيون الإحتراق ولهفة الشوق , وظلمة المكان , ووحشة الزمان ,وأثير المجهول , تتوقف الأفكار لحظة تروح , وتجيء , ترمي حبال الشمس في الأفق الجميل تتحدى العثمات ’تغرس بدرة العيش وماء الحياة بلغة الجنة لعل زورق النهر يرحل بنا بعيدا كي نغرف من ماء زمزم قطرات نضمد بها الجراح , ونطهر بها قلوبنا , كي نواري جثمان ألامنا وأحزاننا التي عبث بها الخريف , ليرميها رميما بين يدي الورد الأحمر ,الذي يذبل تحت أشعة الشمس اللاهبة , وخيوطها الذهبية , التي تنزل كالسيف المهند, تحاول أن
تضمد جراحا أبت السنين أن تداويها , وأحلاما أبت الأيام أن تطويها .
هي القلوب إذا تتقلب , والعيون تحملق توهانا تحاول أن تنفتح في وجه زحف الرمال العاتية , وهو الحنين المنطلق الذي يحمل بين طياته لغة الورد المختلط بالشوك , لغة الزهرة الجميلة التي تنبت بين الأشواك, ولغة الأماني , والمعاني , ولغة الأمل , حيث لا أحزان , ولا آلام , وحيث النفوس تزهوا , زهو الفراشات , وترقص العصافير في رياض الجمال والكمال , وحيث تندثر لغة الكراهية , والبغض , في أعماق البحر لنعانق بوادي المحبة
الخير وينجلي الشر في بحر الرماد . هكذا على إيقاع أزيز النحل والورد الأصفر , وإيقاع الجمال على أنشودة القمر الأحمر , تتلاشى رائحة الكره , عندما غازلتها رائحة العنبر ,
وينجلي الضباب خلف أسوار الظلام , ويرحل اليأس عبر أغنية راحلة , لينبعث شعاع الأمل في الأفق البعيد , يتغنى بروح الأصالة , والجمال , وينحني الورد الأصفر إجلالا للزمن الجميل , يمسك بقبضتيه بصيص من الأمل , كالديك يرقص من الذبح , يتحدى الموت لعله يحضى بآخر زفرة يتطلع من خلالها لآخر أمل بينه وبين مفارقة الحياة .
هي القلوب إذا تشتاق وتحن إلى الذكريات , في زمن الحب والود مرورا من أزقة الحي والدرب , لنلتقى بأناس اباء وأمهات الدين علمون اصول الادب والاحترام والخير والتعامل بالنية هؤلاء افتقدناهم في عصرنا هدا , ومكانهم المعروف داخل حينا , حيت لا يمكن أن تمر دون أن تقبل يديهم وكل كبير مررت عليه في الحي ,هدا هو ذك الزمن الجميل , الزمن الذي نتعطش إليه لنتعلم منه كيف كان حق الجوار , وكيف كانت الأخلاق ,والتعاون
والاحترام , كيف أن الكل إخوة في الحومة والكل يربي , وكيف أن روعة الزمن الجميل ليست هي التقدم في البناء وخلق الحواجز والحدود الاجتماعية , وإنما تتعداها إلى أكتر من ذلك لتصل إلى الإيخاء والإيثار , لنحدد قيمة الجلال والكمال في كنهة الزمن الجميل .
بقلم جواد الغزال