هل أدركت الدولة الفرنسية أخيرا أنه لا يصح الا الصحيح ؟.

0

لم يكن حتى أكبر المتفائلين المتبعين للعلاقات الدولية، أن تغير الدولة الفرنسية موقفها الرمادي من قضية وحدتنا الترابية، والاعتراف الصريح بسيادة المغرب على صحرائه كاملة غير منقوصة، نظرا لتشعب العلاقات التي تربط الدولة الفرنسية العميقة ومستعمرتها القديمة الجزائر، التي يسيرها منذ إحداثه بمرسوم المرشال دغول سنة 1962 نظام عسكري متسلط راهن منذ بداياته الأولى في ستينيات القرن الماضي على جعل معاداة المغرب إحدى قضاياه الأساسية، ومركز اهتماماته وشماعته التي ينشر عليها غسيله الداخلي وينسب لها كل إخفاقاته وأزماته، ورغم التغيرات الجدرية التي عرفتها العلاقات الدولية وبالأخص بين الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، إلى الأفضل والأعمق، فإن العلاقات الفرنسية المغربية تعرضت لموجة جليد غير مسبوق بحيث انحصرت في تدبير المصالح المشتركة ولم تعرف أي تقدم رغم ان علاقات البلدين منذ خمسينيات القرن الماضي كانت متميزة، مطبوعة بالتعاون وخاصة في عهد الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان وجاك شراك ونيكولا ساركوزي دون أن ننسى ماكان يحضى به المغرب من اهتمام في عهد باقي الرؤساء الفرنسيين مرورا بالرئيس دوغول وبومبيدو وفرانسوى متران وحتى فرانسوى هولند الذين كانوا يحرصون على ضمان علاقات متوازنة مع المغرب في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، غير ان هذه العلاقات عرفت أدنى مستوى لها في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون الذي حاول الموازنة بين علاقات فرنسا مع المغرب والجزائر حرصا منه على رعاية مصالحه مع النظام الجزائري وبالاخص في الميدان الطاقي “بترول وغاز” ، غير ان هذه المعادلة الصعبة لم تكن قابلة للتطبيق على أرض الواقع، لأنها تتعارض مع الرغبة الجامحة للنظام الجزائري الحريص على أن يكون القوة الإقليمية الوحيدة والضاربة – كما يقول رؤساؤه – في إفريقيا والعالمين العربي والإسلامي.
لذلك فالقرار الفرنسي القاضي بدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي سيكون له أثر جد إيجابي على العلاقات المغربية الفرنسية، ومن شأنه إنعاش التبادل التجاري و التعاون الإقتصادي الإقليمي إفريقيا نظرا للارتباط التوثيق الذي يجمع بين الفاعلين الاقتصاديين المغاربة والفرنسيين الذين تجمعهم مشاريع مشتركة ضخمة في البلدان الإفريقية، كما ينتظر أن تفتح آفاق واسعة ورحبة للتعاون بين الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي. د. حميد المرزوقي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.